فصل: مسألة: التسليم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


مسألة

قال‏:‏ ‏[‏ولا يسجد إلا وهو طاهر‏]‏ وجملة ذلك‏,‏ أنه يشترط للسجود ما يشترط لصلاة النافلة من الطهارتين من الحدث والنجس وستر العورة واستقبال القبلة‏,‏ والنية ولا نعلم فيه خلافا إلا ما روى عن عثمان بن عفان رضي الله عنه في الحائض تسمع السجدة تومئ برأسها وبه قال سعيد بن المسيب‏,‏ قال ويقول‏:‏ اللهم لك سجدت وعن الشعبي في من سمع السجدة على غير وضوء يسجد حيث كان وجهه ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏لا يقبل الله صلاة بغير طهور‏)‏ فيدخل في عمومه السجود ولأنه صلاة فيشترط له ذلك‏,‏ كذات الركوع ولأنه سجود فيشترط له ذلك كسجود السهو‏.‏

فصل

وإذا سمع السجدة غير متطهر‏,‏ لم يلزمه الوضوء ولا التيمم وقال النخعي‏:‏ يتيمم ويسجد وعنه‏:‏ يتوضأ ويسجد وبه قال الثوري‏,‏ وإسحاق وأصحاب الرأي ولنا أنها تتعلق بسبب فإذا فات لم يسجد كما لو قرأ سجدة في الصلاة‏,‏ فلم يسجد فإنه لا يسجد بعدها‏.‏

مسألة

قال‏:‏ ‏[‏ويكبر إذا سجد‏]‏ وجملة ذلك أنه إذا سجد للتلاوة فعليه التكبير للسجود والرفع منه‏,‏ سواء كان في صلاة أو في غيرها وبه قال ابن سيرين والحسن وأبو قلابة والنخعي‏,‏ ومسلم بن يسار وأبو عبد الرحمن السلمى والشافعي‏,‏ وإسحاق وأصحاب الرأي وقال مالك‏:‏ إذا كان في صلاة واختلف عنه إذا كان في غير صلاة ‏.‏

ولنا ما روى ابن عمر قال‏:‏ ‏(‏كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقرأ علينا القرآن‏,‏ فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه‏)‏ قال عبد الرزاق‏:‏ كان الثوري يعجبه هذا الحديث قال أبو داود‏:‏ يعجبه لأنه كبر رواه أبو داود ولأنه سجود منفرد فشرع له التكبير في ابتدائه‏,‏ والرفع منه كسجود السهو بعد السلام وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه كبر فيه للسجود والرفع ولم يذكر الخرقي التكبير للرفع وقد ذكره غيره من أصحابنا وهو القياس كما ذكرنا ولا يشرع في ابتداء السجود أكثر من تكبيرة قال‏:‏ يكبر للافتتاح واحدة وللسجود أخرى ولنا حديث ابن عمر‏,‏ وظاهره أن يكبر واحدة وقياسه على سجود السهو بعد السلام ‏.‏

فصل

ويرفع يديه مع تكبيرة السجود إن سجد في غير صلاة وهو قول الشافعي لأنها تكبيرة افتتاح وإن كان السجود في الصلاة‏,‏ فنص أحمد على أنه يرفع يديه لأنه يسن له الرفع لو كان منفردا فكذلك مع غيره قال القاضي‏:‏ وقياس المذهب لا يرفع لأن محل الرفع في ثلاثة مواضع ليس هذا منها‏,‏ ولأن في حديث ابن عمر‏:‏ ‏(‏أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان لا يفعله في السجود يعنى رفع يديه‏)‏ وهو حديث متفق عليه واحتج أحمد بما روى وائل بن حجر قال‏:‏ ‏(‏قلت لأنظرن إلى صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فكان يكبر إذا خفض ورفع ويرفع يديه في التكبير‏)‏ قال أحمد‏:‏ هذا يدخل في هذا كله‏,‏ وهو قول مسلم بن يسار ومحمد بن سيرين‏.‏

فصل

ويقول في سجوده ما يقول في سجود الصلاة قال أحمد‏:‏ أما أنا فأقول سبحان ربى الأعلى وقد روت عائشة رضي الله عنها‏:‏ ‏(‏أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يقول في سجود القرآن بالليل‏:‏ سجد وجهى للذى خلقه وصوره وشق سمعه وبصره‏,‏ بحوله وقوته‏)‏ قال الترمذي‏:‏ هذا حديث حسن صحيح وروى الترمذي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ ‏(‏جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال‏:‏ يا رسول الله إني رأيتنى الليلة أصلى خلف شجرة‏,‏ فقرأت السجدة فسجدت فسجدت الشجرة لسجودي‏,‏ فسمعتها وهي تقول‏:‏ اللهم اكتب لي بها عندك أجرا وضع عنى بها وزرا واجعلها لي عندك ذخرا‏,‏ وتقبلها منى كما تقبلتها من عبدك داود فقرأ النبي - صلى الله عليه وسلم- سجدة ثم سجد فقال ابن عباس‏:‏ فسمعته يقول مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة‏)‏ قال الترمذي‏:‏ وهذا حديث غريب ومهما قال من ذلك ونحوه فحسن‏.‏

مسألة

قال‏:‏ ‏[‏ويسلم إذا رفع‏]‏ اختلفت الرواية عن أحمد في التسليم في سجود التلاوة فرأى أنه واجب وبه قال أبو قلابة‏,‏ وأبو عبد الرحمن وروى أنه غير واجب قال ابن المنذر‏:‏ قال أحمد أما التسليم فلا أدرى ما هو قال النخعي والحسن‏,‏ وسعيد بن جبير ويحيى بن وثاب‏:‏ ليس فيه تسليم وروى ذلك عن أبي حنيفة واختلف قول الشافعي فيه ووجه الرواية التي اختارها الخرقي قول النبي - صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏تحريمها التكبير وتحليلها التسليم‏)‏ ولأنها صلاة ذات إحرام فافتقرت إلى سلام‏,‏ كسائر الصلوات ولا تفتقر إلى تشهد نص عليه أحمد في رواية الأثرم لأنه لم ينقل‏,‏ ولأنه لا ركوع فيه فلم يكن له تشهد كصلاة الجنازة ويجزئه تسليمة واحدة نص عليه أحمد في رواية حرب وعبد الله قال‏:‏ يسلم تسليمة واحدة قال القاضي‏:‏ يجزئه رواية واحدة قال إسحاق‏:‏ يسلم عن يمينه فقط‏:‏ السلام عليكم وقال في المجرد‏,‏ عن أبي بكر‏:‏ إن فيه رواية أخرى لا يجزئه إلا اثنتان‏.‏

مسألة

قال‏:‏ ‏[‏ولا يسجد في الأوقات التي لا يجوز أن يصلي فيها تطوعا‏]‏ قال الأثرم‏:‏ سمعت أبا عبد الله يسأل عمن قرأ سجود القرآن بعد الفجر وبعد العصر أيسجد‏؟‏ قال‏:‏ لا وبهذا قال أبو ثور وروى ذلك عن ابن عمر وسعيد بن المسيب‏,‏ وإسحاق وكره مالك قراءة السجدة في وقت النهى وعن أحمد رواية أخرى أنه يسجد وبه قال الشافعي وروى ذلك عن الحسن والشعبي‏,‏ وسالم والقاسم وعطاء‏,‏ وعكرمة ورخص فيه أصحاب الرأي قبل تغير الشمس ولنا عموم قوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس‏)‏ وروى أبو داود عن أبي تميمة الهجيمي‏,‏ قال‏:‏ كنت أقص بعد صلاة الصبح فأسجد فنهانى ابن عمر‏,‏ فلم أنته ثلاث مرات ثم عاد فقال‏:‏ ‏(‏إني صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم- ومع أبي بكر‏,‏ وعمر وعثمان فلم يسجدوا حتى تطلع الشمس‏)‏ وروى الأثرم‏,‏ عن عبد الله بن مقسم‏:‏ أن قاصا كان يقرأ السجدة بعد العصر ويسجد فنهاه ابن عمر وقال‏:‏ إنهم لا يعقلون‏.‏

مسألة

قال‏:‏ ‏(‏ومن سجد فحسن‏,‏ ومن ترك فلا شيء عليه‏]‏ وجملة ذلك أن سجود التلاوة سنة مؤكدة وليس بواجب عند إمامنا ومالك والأوزاعي‏,‏ والليث والشافعي وهو مذهب عمر‏,‏ وابنه عبد الله وأوجبه أبو حنيفة وأصحابه لقول الله عز وجل‏:‏ ‏{‏فما لهم لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون‏}‏ ولا يذم إلا على ترك واجب ولأنه سجود يفعل في الصلاة فكان واجبا كسجود الصلاة ولنا‏,‏ ما روى زيد بن ثابت قال‏:‏ ‏(‏قرأت على النبي - صلى الله عليه وسلم- النجم فلم يسجد منا أحد‏)‏ متفق عليه ولأنه إجماع الصحابة وروى البخاري والأثرم عن عمر‏,‏ أنه قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل حتى إذا جاء السجدة نزل فسجد وسجد الناس‏,‏ حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها حتى إذا جاءت السجدة قال‏:‏ يا أيها الناس إنما نمر بالسجود‏,‏ فمن سجد فقد أصاب ومن لم يسجد فلا إثم عليه ولم يسجد عمر وفي لفظ إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء وفي رواية الأثرم فقال‏:‏ على رسلكم‏,‏ إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء فقرأها ولم يسجد ومنعهم أن يسجدوا وهذا بحضرة الجمع الكثير‏,‏ فلم ينكره أحد ولا نقل خلافه فأما الآية فإنه ذمهم لترك السجود غير معتقدين فضله ولا مشروعيته‏,‏ وقياسهم ينتقض بسجود السهو فإنه عندهم غير واجب‏.‏

فصل

ويسن السجود للتالى والمستمع لا نعلم في هذا خلافا وقد دلت عليه الأحاديث التي رويناها وقد روى البخاري ومسلم‏,‏ وأبو داود عن ابن عمر قال‏:‏ ‏(‏كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقرأ علينا السورة في غير الصلاة‏,‏ فيسجد ونسجد معه حتى لا يجد أحدنا مكانا لموضع جبهته‏)‏ فأما السامع غير القاصد للسماع فلا يستحب له‏,‏ وروى ذلك عن عثمان وابن عباس وعمران وبه قال مالك وقال أصحاب الرأي‏:‏ عليه السجود وروى نحو ذلك عن ابن عمر‏,‏ والنخعي وسعيد بن جبير ونافع‏,‏ وإسحاق لأنه سامع للسجدة فكان عليه السجود كالمستمع وقال الشافعي‏:‏ لا أؤكد عليه السجود وإن سجد فحسن ‏.‏

ولنا ما روي عن عثمان رضي الله عنه‏:‏ أنه مر بقاص‏,‏ فقرأ القاص سجدة ليسجد عثمان معه فلم يسجد وقال‏:‏ إنما السجدة على من استمع وقال ابن مسعود وعمران‏:‏ ما جلسنا لها وقال سلمان‏:‏ ما عدونا لها ونحوه عن ابن عباس‏,‏ ولا مخالف لهم في عصرهم نعلمه إلا قول ابن عمر‏:‏ إنما السجدة على من سمعها فيحتمل أنه أراد من سمع عن قصد فيحمل عليه كلامه جمعا بين أقوالهم ولا يصح قياس السامع على المستمع لافتراقهما في الأجر ‏"‏‏.‏

فصل

ويشترط لسجود المستمع أن يكون التالى ممن يصلح أن يكون له إماما فإن كان صبيا أو امرأة‏,‏ فلا يسجد السامع رواية واحدة إلا أن يكون ممن يصح له أن يأتم به وممن قال لا يسجد إذا سمع المرأة قتادة‏,‏ ومالك والشافعي وإسحاق وقال النخعي‏:‏ هي إمامك وقد روى ‏(‏أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أتى إلى نفر من أصحابه‏,‏ فقرأ رجل منهم سجدة ثم نظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-‏:‏ إنك كنت إمامنا ولو سجدت سجدنا‏)‏ رواه الشافعي‏,‏ في ‏"‏ مسنده ‏"‏ والجوزجانى في ‏"‏ المترجم ‏"‏‏,‏ عن عطاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم- وإن كان التالى أميا لم يسجد المستمع وقال الشافعي‏:‏ يسجد لأن الاستماع موجود وهو سبب السجود ولنا‏,‏ الحديث الذي رويناه ولأنه إمام له فلم يسجد بدون إمامه كما لو كانا في صلاة وإن قرأ الأمى سجدة فعلى القارئ المستمع السجود معه لأن القراءة ليست بركن في السجود فإن كان التالى في صلاة والمستمع في غير صلاة سجد معه وإن كان المستمع في صلاة أخرى لم يسجد معه إن كانت فرضا‏,‏ رواية واحدة وإن كانت نفلا فعلى روايتين الصحيح أنه لا يسجد‏,‏ ولا ينبغي له أن يستمع بل يشتغل بصلاته كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏إن في الصلاة لشغلا‏)‏ متفق عليه ولا يسجد إذا فرغ من الصلاة وقال أبو حنيفة‏:‏ يسجد عند فراغه‏,‏ وليس بصحيح فإنه لو ترك السجود لتلاوته في الصلاة لم يسجد إذا فرغ فلأن لا يسجد بحكم سماعه أولى‏,‏ وهكذا الحكم إن كان التالى في غير صلاة والمستمع في الصلاة‏.‏

فصل

ولا يقوم الركوع مقام السجود وقال أبو حنيفة‏:‏ يقوم مقامه استحبابا لقوله تعالى‏:‏ ‏(‏وخر راكعا وأناب‏)‏ ولنا‏,‏ أنه سجود مشروع فلا يقوم مقامه الركوع كسجود الصلاة‏,‏ والآية المراد بها السجود لأنه قال‏:‏ ‏[‏وخر‏]‏ ولا يقال للراكع‏:‏ خر وإنما روى عن داود عليه السلام السجود لا الركوع‏,‏ إلا أنه عبر عنه بالركوع على أن سجدة ‏"‏ ص ‏"‏ ليست من عزائم السجود ولو قدر أن داود ركع حقيقة لم يكن فيه حجة لأن داود إنما فعل ذلك توبة لا لسجود التلاوة‏.‏

فصل

وإن قرأ السجدة في الصلاة في آخر السورة‏,‏ فإن شاء ركع وإن شاء سجد ثم قام فركع نص عليه قال ابن مسعود‏:‏ إن شئت ركعت وإن شئت سجدت‏,‏ وبه قال الربيع بن خيثم وإسحاق وأصحاب الرأي‏,‏ ونحوه عن علقمة وعمرو بن شرحبيل ومسروق‏,‏ قال مسروق‏:‏ قال عبد الله إذا قرأ أحدكم سورة وآخرها سجدة فليركع إن شاء وإن شاء فليسجد فإن الركعة مع السجدة‏,‏ وإن سجد فليقرأ إذا قام سورة ثم ليركع وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قرأ بالنجم فسجد فيها ثم قام فقرأ سورة أخرى‏.‏

فصل

وإذا كان على الراحلة في السفر‏,‏ جاز أن يومئ بالسجود حيث كان وجهه كصلاة النافلة فعل ذلك على وسعيد بن زيد وابن عمر‏,‏ وابن الزبير والنخعي وعطاء‏,‏ وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه خلافا وقد روى أبو داود‏,‏ عن ابن عمر ‏(‏‏,‏ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قرأ عام الفتح سجدة فسجد الناس كلهم منهم الراكب والساجد في الأرض‏,‏ حتى إن الراكب ليسجد على يده‏)‏ ولأنها لا تزيد على صلاة التطوع وهي تفعل على الراحلة وإن كان ماشيا سجد على الأرض وبه قال أبو العالية‏,‏ وأبو زرعة وابن عمر وابن جرير‏,‏ وأصحاب الرأي لما ذكرنا من الحديث والقياس وقال الأسود بن يزيد وعطاء‏,‏ ومجاهد‏:‏ يومئ وفعله علقمة وأبو عبد الرحمن وعلى ما حكاه أبو الحسن الآمدي في صلاة الماشى في التطوع‏,‏ أنه يومئ فيها بالسجود ولا يلزمه السجود بالأرض ويكون ها هنا مثله‏.‏

فصل

يكره اختصار السجود وهو أن ينتزع الآيات التي فيها السجود فيقرأها ويسجد فيها وكرهه الشعبي‏,‏ والنخعي والحسن وإسحاق‏,‏ ورخص فيه النعمان وصاحبه محمد وأبو ثور ولنا أنه ليس بمروى عن السلف فعله بل كراهته ولا نظير له يقاس عليه‏.‏

فصل

قال بعض أصحابنا‏:‏ يكره للإمام قراءة السجدة في صلاة لا يجهر فيها‏,‏ وإن قرأ لم يسجد وهو قول أبي حنيفة لأن فيه إيهاما على المأموم ولم يكرهه الشافعي لأن ابن عمر روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ‏(‏‏,‏ أنه سجد في الظهر ثم قام فركع فرأى أصحابه أنه قرأ سورة السجدة‏)‏ رواه أبو داود واحتج أصحابنا بأن فيه إيهاما على المأموم واتباع النبي - صلى الله عليه وسلم- أولى وإذا سجد الإمام سجد المأموم معه‏,‏ وقال بعض أصحابنا‏:‏ المأموم مخير بين اتباعه أو تركه والأولى اتباعه لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا سجد فاسجدوا‏)‏ ولأنه لو كان بعيدا لا يسمع‏,‏ أو أطروشا في صلاة الجهر لسجد بسجود إمامه كذا ها هنا‏.‏

فصل

‏:‏ ويستحب سجود الشكر عند تجدد النعم‏,‏ واندفاع النقم وبه قال الشافعي وإسحاق وأبو ثور‏,‏ وابن المنذر وقال النخعي ومالك وأبو حنيفة‏:‏ يكره لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان في أيامه الفتوح‏,‏ واستسقى فسقى ولم ينقل أنه سجد ولو كان مستحبا لم يخل به ‏.‏

ولنا ما روى ابن المنذر‏,‏ بإسناده عن أبي بكرة ‏(‏أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان إذا أتاه أمر يسر به خر ساجدا‏)‏ ورواه أبو داود ولفظه قال‏:‏ ‏(‏كان إذا أتاه أمر يسر به أو بشر به خر ساجدا شكرا لله‏)‏ وقال الترمذي‏:‏ هذا حديث حسن غريب وسجد الصديق حين فتح اليمامة وعلى حين وجد ذا الثدية وروي عن جماعة من الصحابة‏,‏ فثبت ظهوره وانتشاره فبطل ما قالوه وتركه تارة لا يدل على أنه ليس بمستحب فإن المستحب يفعل تارة‏,‏ ويترك أخرى ويشترط لسجود الشكر ما يشترط لسجود التلاوة والله أعلم‏.‏

فصل

ولا يسجد للشكر وهو في الصلاة لأن سبب السجدة ليس منها فإن فعل بطلت صلاته إلا أن يكون ناسيا أو جاهلا بتحريم ذلك فأما سجدة ‏"‏ ص ‏"‏ إذا سجدها في الصلاة وقلنا‏:‏ ليست من العزائم فيحتمل أن تبطل لأنها سجدة شكر ويحتمل أن لا تبطل لأن سببها من الصلاة‏,‏ وتتعلق بالتلاوة فهي كسجود التلاوة والله أعلم‏.‏

مسألة

قال‏:‏ ‏[‏وإذا حضرت الصلاة والعشاء بدأ بالعشاء‏]‏ وجملة ذلك أنه إذا حضر العشاء في وقت الصلاة فالمستحب أن يبدأ بالعشاء قبل الصلاة ليكون أفرغ لقلبه وأحضر لباله‏,‏ ولا يستحب أن يعجل عن عشائه أو غدائه فإن أنسا روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال‏:‏ ‏(‏إذا قرب العشاء وحضرت الصلاة فابدءوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب‏,‏ ولا تعجلوا عن عشائكم‏)‏ وعن عائشة قالت‏:‏ إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول‏:‏ ‏(‏لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان‏)‏ رواهما مسلم وغيره ولا فرق بين أن يحضر صلاة الجماعة ويخاف فوتها في الجماعة أو لا يخاف ذلك فإن في بعض ألفاظ حديث أنس‏:‏ ‏(‏إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء‏)‏ وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏إذا قرب عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة‏,‏ فابدءوا بالعشاء ولا يعجلن حتى يفرغ منه‏)‏ رواهما مسلم وغيره وقوله‏:‏ وأقيمت الصلاة يعنى الجماعة وتعشى ابن عمر وهو يسمع قراءة الإمام قال أصحابنا‏:‏ إنما يقدم العشاء على الجماعة إذا كانت نفسه تتوق إلى الطعام كثيرا ونحوه قال الشافعي وقال مالك‏:‏ يبدءون بالصلاة‏,‏ إلا أن يكون طعاما خفيفا وقال بظاهر الحديث عمر وابنه وإسحاق وابن المنذر وقال ابن عباس‏:‏ لا نقوم إلى الصلاة وفي أنفسنا شيء قال ابن عبد البر‏:‏ أجمعوا على أنه لو صلى بحضرة الطعام‏,‏ فأكمل صلاته أن صلاته تجزئه كذلك إذا صلى حاقنا وقال الشافعي وأبو حنيفة والعنبرى‏:‏ يكره أن يصلي وهو حاقن‏,‏ وصلاته جائزة مع ذلك إن لم يترك شيئا من فروضها وقال مالك‏:‏ أحب أن يعيد إذا شغله ذلك قال الطحاوى‏:‏ لا يختلفون أنه لو شغل قلبه بشيء من الدنيا أنه لا يستحب له الإعادة‏,‏ كذلك إذا شغله البول‏.‏

مسألة

قال‏:‏ ‏[‏وإذا حضرت الصلاة وهو يحتاج إلى الخلاء بدأ بالخلاء‏]‏ يعنى إذا كان حاقنا كرهت له الصلاة حتى يقضى حاجته‏,‏ سواء خاف فوات الجماعة أو لم يخف لما ذكرنا من حديث عائشة وروى ثوبان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه قال‏:‏ ‏(‏لا يحل لامرئ أن ينظر في جوف بيت امرئ حتى يستأذن ولا يقوم إلى الصلاة وهو حاقن‏)‏ قال الترمذي‏:‏ هذا حديث حسن والمعنى في ذلك أن يقوم إلى الصلاة وبه ما يشغله عن خشوعها وحضور قلبه فيها‏,‏ فإن خالف وفعل صحت صلاته في هذه المسألة وفي التي قبلها وقال ابن أبي موسى‏:‏ إن كان به من مدافعة الأخبثين ما يزعجه ويشغله عن الصلاة‏,‏ أعاد في الظاهر من قوله لظاهر الحديثين اللذين رويناهما وقد ذكرنا ذلك فيما مضى وقال ابن عبد البر في حديث ثوبان‏:‏ لا يقوم به حجة عند أهل العلم بالحديث‏,‏ فهذان من الأعذار التي يعذر بها في ترك الجماعة والجمعة لعموم اللفظ فإن قوله‏:‏ ‏(‏وأقيمت الصلاة‏)‏ عام في كل صلاة وقوله‏:‏ ‏"‏ لا صلاة ‏"‏ عام أيضا‏.‏

فصل

ويعذر في تركهما المريض في قول عامة أهل العلم قال ابن المنذر‏:‏ لا أعلم خلافا بين أهل العلم‏,‏ أن للمريض أن يتخلف عن الجماعات من أجل المرض وقد روى ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال‏:‏ ‏(‏من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر قالوا‏:‏ وما العذر يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى‏)‏ رواه أبو داود وقد ‏(‏كان بلال يؤذن بالصلاة ثم يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو مريض فيقول‏:‏ مروا أبا بكر فليصل بالناس ‏)‏‏.‏

فصل

ويعذر في تركهما الخائف لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- ‏(‏العذر خوف أو مرض‏)‏ والخوف‏,‏ ثلاثة أنواع خوف على النفس وخوف على المال وخوف على الأهل فالأول‏,‏ أن يخاف على نفسه سلطانا يأخذه أو عدوا أو لصا‏,‏ أو سبعا أو دابة أو سيلا‏,‏ ونحو ذلك مما يؤذيه في نفسه وفي معنى ذلك أن يخاف غريما له يلازمه ولا شيء معه يوفيه‏,‏ فإن حبسه بدين هو معسر به ظلم له فإن كان قادرا على أداء الدين لم يكن عذرا له لأنه يجب إيفاؤه وكذلك إن وجب عليه حد لله تعالى أو حد قذف‏,‏ فخاف أن يؤخذ به لم يكن عذرا لأنه يجب إيفاؤه وهكذا إن تأخر عليه قصاص‏,‏ لم يكن له عذر في التخلف من أجله وقال القاضي‏:‏ إن كان يرجو الصلح على مال فله التخلف حتى يصالح بخلاف الحدود‏,‏ فإنها لا تدخلها المصالحة ولا العفو وحد العفو أن يرجى العفو عنه فليس يعذر في التخلف لأنه يرجو إسقاطه بغير بدل ويعذر في تركهما بالمطر الذي يبل الثياب والوحل الذي يتأذى به في نفسه وثيابه قال‏:‏ عبد الله بن عباس لمؤذنه في يوم مطير‏:‏ إذا قلت‏:‏ أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل‏:‏ حى على الصلاة وقل‏:‏ صلوا في بيوتكم قال‏:‏ فكأن الناس استنكروا ذلك‏,‏ فقال ابن عباس‏:‏ أتعجبون من ذلك لقد فعل ذلك من هو خير منى إن الجمعة عزمة‏,‏ وإنى كرهت أن أخرجكم فتمشوا في الطين والدحض متفق عليه ويعذر في ترك الجماعة بالريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة وقد روى ابن ماجه عن ابن عمر قال ‏(‏كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ينادى مناديه في الليلة المطيرة أو الليلة الباردة صلوا في رحالكم‏)‏ وإسناده صحيح ورواه أبو داود ونحوه واتفق عليه البخاري‏,‏ ومسلم إلا أن فيه‏:‏ في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر وروى أبو المليح أنه ‏(‏شهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم- زمن الحديبية يوم جمعة وأصابهم مطر لم يبتل أسفل نعالهم فأمرهم أن يصلوا في رحالهم‏)‏ رواه أبو داود ويعذر أيضا من يريد سفرا ويخاف فوات رفقته النوع الثاني‏:‏ الخوف على ماله بخروجه مما ذكرناه من السلطان واللصوص وأشباههما‏,‏ أو يخاف أن يسرق منزله أو يحرق أو شيء منه أو يكون له خبز في التنور أو طبيخ على النار يخاف حريقه باشتغاله عنه أو يكون له غريم إن ترك ملازمته ذهب بماله أو يكون له بضاعة أو وديعة عند رجل إن لم يدركه ذهب فهذا وأشباهه عذر في التخلف عن الجمعة والجماعات النوع الثالث‏:‏ الخوف على ولده وأهله أن يضيعوا‏,‏ أو يكون ولده ضائعا فيرجو وجوده في تلك الحال أو يكون له قريب يخاف إن تشاغل بهما مات فلم يشهده قال ابن المنذر ثبت أن ابن عمر استصرخ على سعيد بن زيد بعد ارتفاع الضحى فأتاه بالعقيق وترك الجمعة وهذا مذهب عطاء والحسن والأوزاعي‏,‏ والشافعي‏.‏

فصل

ويعذر في تركهما من يخاف عليه النعاس حتى يفوتاه فيصلى وحده وينصرف‏.‏

باب ما يبطل الصلاة إذا تركه عامدا أو ساهيا

روى أبو هريرة ‏(‏أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال‏:‏ ارجع فصل فإنك لم تصل فرجع فصلى ثم جاء فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال ارجع فصل فإنك لم تصل ثلاثا فقال‏:‏ والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني قال‏:‏ إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن‏,‏ ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها‏)‏ متفق عليه زاد مسلم ‏(‏إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر‏)‏ ‏.‏

مسألة

قال‏:‏ ومن ترك تكبيرة الإحرام‏,‏ أو قراءة الفاتحة - وهو إمام أو منفرد - أو الركوع أو الاعتدال بعد الركوع‏,‏ أو السجود أو الاعتدال بعد السجود أو التشهد الأخير‏,‏ أو السلام بطلت صلاته عامدا أو ساهيا وجملة ذلك أن المشروع في الصلاة ينقسم قسمين‏:‏ واجب‏,‏ ومسنون فالواجب نوعان أحدهما لا يسقط في العمد ولا في السهو‏,‏ وهو الذي ذكره الخرقي في هذه المسألة وهو عشرة أشياء‏:‏ تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة للإمام والمنفرد‏,‏ والقيام والركوع حتى يطمئن والاعتدال عنه حتى يطمئن‏,‏ والسجود حتى يطمئن والاعتدال عنه بين السجدتين حتى يطمئن والتشهد في آخر الصلاة والجلوس له‏,‏ والسلام وترتيب الصلاة على ما ذكرناه فهذه تسمى أركانا للصلاة لا تسقط في عمد ولا سهو وفي وجوب بعض ذلك اختلاف ذكرناه فيما مضى وقد دل على وجوبها حديث أبي هريرة عن المسيء في صلاته فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال له‏:‏ لم تصل وأمره بإعادة الصلاة‏,‏ فلما سأله أن يعلمه علمه هذه الأفعال فدل على أنه لا يكون مصليا بدونها ودل الحديث على أنها لا تسقط بالسهو فإنها لو سقطت بالسهو لسقطت عن الأعرابي لكونه جاهلا بها والجاهل كالناسى فأما بطلان الصلاة بتركها ففيه تفصيل‏,‏ وذلك أنه لا يخلو إما أن يتركها عمدا أو سهوا فإن من تركها عمدا بطلت صلاته في الحال وإن ترك شيئا منها سهوا ثم ذكره في الصلاة‏,‏ أتى به على ما سنبينه فيما بعد إن شاء الله‏,‏ وإن لم يذكره حتى فرغ من الصلاة فإن طال الفصل ابتدأ الصلاة وإن لم يطل بنى عليها نص أحمد على هذا‏,‏ في رواية جماعة وبهذا قال الشافعي ونحوه قال مالك ويرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة والعرف واختلف أصحاب الشافعي فقال بعضهم كقولنا وقال بعضهم‏:‏ الفصل الطويل قدر ركعة وهو المنصوص عن الشافعي وقال بعضهم قدر الصلاة التي نسي فيها والذي قلنا أصح لأنه لا حد له في الشرع فيرجع إلى العرف فيه ولا يجوز التقدير بالتحكم وقال جماعة من أصحابنا‏:‏ متى ترك ركنا فلم يدركه حتى سلم بطلت صلاته قال النخعي والحسن من نسي سجدة من صلاة‏,‏ ثم ذكرها في الصلاة سجدها متى ذكرها فإذا قضى صلاته‏,‏ سجد سجدتي السهو وعن مكحول ومحمد بن أسلم الطوسى في المصلى ينسى سجدة أو ركعة يصليها متى ما ذكرها‏,‏ ويسجد سجدتي السهو وعن الأوزاعي في رجل نسي سجدة من صلاة الظهر فذكرها في صلاة العصر يمضى في صلاته‏,‏ فإذا فرغ سجدها ولنا على أن الصلاة لا تبطل مع قرب الفصل أنه لو ترك ركعة أو أكثر‏,‏ فذكر قبل أن يطول الفصل أتى بما ترك ولم تبطل صلاته إجماعا وقد دل عليه حديث ذى اليدين فإذا ترك ركنا واحدا‏,‏ فأولى أن لا تبطل الصلاة فإنه لا يزيد على ترك ركعة والدليل على أن الصلاة تبطل بتطاول الفصل أنه أخل بالموالاة فلم تصح صلاته كما لو ذكر في يوم ثان‏.‏

فصل

ويلزمه أن يأتي بركعة‏,‏ إلا أن يكون المنسى التشهد والسلام فإنه يأتي به ويسلم ثم يسجد للسهو وقال الشافعي يأتي بالركن وما بعده لا غير ويأتى الكلام على هذا في باب سجود السهو قال أحمد - -رحمه الله- - في رواية الأثرم‏,‏ فيمن نسي سجدة من الركعة الرابعة ثم سلم وتكلم‏:‏ إذا كان الكلام الذي تكلم به من شأن الصلاة قضى ركعة‏,‏ لا يعتد بالركعة الأخيرة لأنها لا تتم إلا بسجدتيها فلما لم يسجد مع الركعة سجدتيها وأخذ في عمل بعد السجدة الواحدة‏,‏ قضى ركعة ثم تشهد وسلم وسجد سجدتي السهو وإن تكلم بشيء من غير شأن الصلاة ابتدأ الصلاة قال أبو عبد الله وبهذا كان يقول مالك زعموا ولعل أحمد -رحمه الله- ‏,‏ ذهب إلى حديث ذى اليدين وأن النبي - صلى الله عليه وسلم- تكلم وسأل أبا بكر وعمر‏:‏ ‏"‏ أحق ما يقول ذو اليدين‏؟‏ ثم بنى على ما مضى من صلاته وفي الجملة فالحكم في ترك ركن من ركعة كالحكم في ترك الركعة بكمالها والله أعلم‏.‏

فصل

وتختص تكبيرة الإحرام من بين الأركان بأن الصلاة لا تنعقد بتركها لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏تحريمها التكبير‏)‏ ولا يدخل في الصلاة بدونها ويختص القيام بسقوطه في النوافل لأنه يطول فيشق‏,‏ فسقط في النافلة مبالغة في تكثيرها كما سقط التوجه فيها في السفر على الراحلة‏,‏ مبالغة في تكثيرها وتختص قراءة الفاتحة بسقوطها عن المأموم لأن قراءة إمامه له قراءة ويختص السلام بأنه إذا نسيه أتى به خاصة‏.‏

مسألة

قال‏:‏ ومن ترك شيئا من التكبير - غير تكبيرة الإحرام - أو التسبيح في الركوع أو التسبيح في السجود‏,‏ أو قول‏:‏ سمع الله لمن حمده أو قول‏:‏ ربنا ولك الحمد أو رب اغفر لي‏,‏ رب اغفر لي أو التشهد الأول أو الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم- في التشهد الأخير عامدا‏,‏ بطلت صلاته ومن ترك شيئا منه ساهيا أتى بسجدتي السهو هذا النوع الثاني من الواجبات وهي ثمانية وفي وجوبها روايتان إحداهما‏,‏ أنها واجبة وهو قول إسحاق والأخرى ليست واجبة‏,‏ وهو قول أكثر الفقهاء إلا أن الشافعي أوجب منها الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم- وضمه إلى الأركان وعن أحمد رواية أخرى كقوله وقد ذكرنا الدليل على وجوبها فيما مضى وذكرنا حديث يحيى بن خلاد‏,‏ عن عمه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال‏:‏ ‏(‏إنه لا تتم الصلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ ويضع الوضوء مواضعه‏,‏ ثم يكبر ويحمد الله ويثنى عليه ويقرأ بما شاء من القرآن ثم يقول‏:‏ الله أكبر‏,‏ ثم يركع حتى تطمئن مفاصله ثم يقول‏:‏ سمع الله لمن حمده حتى يستوي قائما ثم يقول الله أكبر‏,‏ ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله ثم يقول الله أكبر ويرفع رأسه حتى يستوي قاعدا‏,‏ ثم يقول‏:‏ الله أكبر ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله ثم يرفع رأسه فيكبر‏,‏ فإذا فعل ذلك فقد تمت صلاته‏)‏ وفي رواية‏:‏ لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك رواه أبو داود وحكم هذه الواجبات - إذا قلنا بوجوبها - أنه إن تركها عمدا بطلت صلاته وإن تركها سهوا وجب عليه السجود للسهو والأصل فيه حديث النبي - صلى الله عليه وسلم- حين قام إلى ثالثة وترك التشهد الأول فسبحوا به فلم يرجع حتى إذا جلس للتسليم‏,‏ سجد سجدتين وهو جالس قبل أن يسلم ثم سلم في حديث ابن بحينة ولولا أن التشهد سقط بالسهو لرجع إليه‏,‏ ولولا أنه واجب لما سجد جبرا لنسيانه وغير التشهد من الواجبات مقيس عليه ومشبه به‏,‏ ولا يمتنع أن يكون للعبادة واجبات يتخير إذا تركها وأركان لا تصح العبادة بدونها كالحج في واجباته وأركانه‏.‏

فصل

وضم بعض أصحابنا إلى هذه الواجبات نية الخروج من الصلاة في سلامه‏,‏ والتسليمة الثانية وقد دللنا على أنهما ليستا بواجبتين وهو اختيار الخرقي لكونه لم يذكرهما في عدد الواجبات ويختص ‏(‏ربنا ولك الحمد‏)‏ بالمأموم والمنفرد وفي المنفرد رواية أخرى‏,‏ أنه لا يجب عليه ويختص قول‏:‏ سمع الله لمن حمده بالإمام والمنفرد القسم الثاني من المشروع في الصلاة‏:‏ المسنون وهو ما عدا ما ذكرناه‏,‏ وهو اثنان وثلاثون رفع اليدين عند الإحرام والركوع والرفع منه‏,‏ ووضع اليمنى على اليسرى وحطها تحت السرة والنظر إلى موضع سجوده‏,‏ والاستفتاح والتعوذ وقراءة ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏ وقول ‏"‏ آمين ‏"‏ وقراءة السورة بعد الفاتحة‏,‏ والجهر والإسرار في مواضعهما ووضع اليدين على الركبتين في الركوع ومد الظهر والانحناء في الركوع والسجود وما زاد على التسبيحة الواحدة فيهما‏,‏ وما زاد على المرة في سؤال المغفرة وقول ‏(‏ملء السماء‏)‏ بعد التحميد والبداية بوضع الركبتين قبل اليدين في السجود‏,‏ ورفعهما في القيام والتفريق بين ركبتيه في السجود ووضع يديه حذو منكبيه أو حذو أذنيه‏,‏ وفتح أصابع رجليه فيه وفي الجلوس والافتراش في التشهد الأول‏,‏ والجلوس بين السجدتين والتورك في الثاني ووضع اليد اليمنى على الفخذ اليمنى مقبوضة محلقة‏,‏ والإشارة بالسبابة ووضع اليد الأخرى على الفخذ الأخرى مبسوطة والالتفات على اليمين والشمال في التسليمتين‏,‏ والسجود على أنفه وجلسة الاستراحة والتسليمة الثانية‏,‏ ونية الخروج من الصلاة في سلامه على إحدى الروايتين فيهن وحكم هذه السنن جميعها أن الصلاة لا تبطل بتركها عمدا ولا سهوا وفي السجود لها عند السهو عنها تفصيل نذكره في موضعه إن شاء الله‏.‏

فصل

ويشترط للصلاة ستة أشياء ؛ الطهارة من الحدث ، والطهارة من النجاسة ، والسترة ، واستقبال القبلة ، ودخول الوقت ، والنية . فمتى أخل بشيء من هذه الشروط لغير عذر لم تنعقد صلاته . وتختص النية بأنها لا تصح الصلاة مع عدمها بحال لا في حق معذور ولا غيره . ويختص الوقت ببعض الصلوات . وكل ما اعتبر له وقت فلا يصح قبل وقته ، إلا الثانية من المجموعتين ، تفعل في وقت الأولى حال العذر ، إذا جمع بينهما . وبقية الشروط تسقط بالعذر ، على تفصيل ذكر في مواضعه ، فيما مضى .

فصل

يستحب للمصلى أن يجعل نظره إلى موضع سجوده قال أحمد في رواية حنبل‏:‏ الخشوع في الصلاة‏:‏ أن يجعل نظره إلى موضع سجوده وروى ذلك عن مسلم بن يسار‏,‏ وقتادة وحكي عن شريك أنه قال‏:‏ ينظر في حال قيامه إلى موضع سجوده‏,‏ وفي ركوعه إلى قدميه وفي حال سجوده إلى أنفه وفي حال التشهد إلى حجره وقد روى أبو طالب العشاري‏,‏ في الأفراد عن بعض الصحابة قال‏:‏ ‏(‏قلت يا رسول الله أين أجعل بصرى في الصلاة‏؟‏ قال‏:‏ موضع سجودك قال‏:‏ قلت يا رسول الله‏,‏ إن ذلك لشديد إن ذلك لا أستطيع قال‏:‏ ففي المكتوبة إذا‏)‏ ويستحب أن يفرج بين قدميه ويراوح بينهما إذا طال جلوسه‏,‏ يعتمد على هذه مرة وعلى هذه مرة ولا يكثر ذلك‏,‏ لما روى الأثرم بإسناده عن أبي عبيدة قال‏:‏ رأى عبد الله رجلا يصلي صافا بين قدميه فقال‏:‏ لو راوح هذا بين قدميه كان أفضل ورواه النسائي‏,‏ ولفظه‏:‏ فقال أخطأ السنة ولو راوح بينهما كان أعجب إلى قال الأثرم‏:‏ رأيت أبا عبد الله يفرج بين قدميه ورأيته يراوح بينهما وروى هذا عن عمرو بن ميمون‏,‏ والحسن ويحتمل أن يكون هذا عند طول القيام كما قال عطاء قال‏:‏ إني لأحب أن يقل فيه التحريك وأن يعتدل قائما على قدميه‏,‏ إلا أن يكون إنسانا كبيرا لا يستطيع ذلك وأما التطوع فإنه يطول على الإنسان فلا بد من التوكؤ على هذه مرة وعلى هذه مرة‏.‏

فصل

يكره أن يترك شيئا من سنن الصلاة ، ويكره أن يلتفت في الصلاة لغير حاجة ؛ لما روت عائشة ، رضي الله عنها قالت : (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التفات الرجل في الصلاة ؟ فقال : هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد) من الصحاح ، رواه سعيد بن منصور . وفي المسند ، عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا يزال الله مقبلا على العبد وهو في صلاته ، ما لم يلتفت ، فإذا التفت انصرف عنه). رواهما أبو داود . ولأنه يشغل عن الصلاة ، فكان تركه أولى . فإن كان لحاجة لم يكره ؛ لما روى أبو داود ، عن سهل بن الحنظلية ، قال : (ثوب بالصلاة ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب) قال أبو داود وكان أرسل فارسا إلى الشعب يحرس . رواه أبو داود . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتفت يمينا وشمالا ، ولا يلوي عنقه خلف ظهره) رواه النسائي ولا تبطل الصلاة بالالتفات إلا أن يستدير بجملته عن القبلة ، أو يستدبر القبلة . لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ، وبهذا قال أبو ثور . قال ابن عبد البر : وجمهور الفقهاء على أن الالتفات لا يفسد الصلاة إذا كان يسيرا . ويكره رفع البصر لما روى البخاري أن أنسا ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم ، فاشتد قوله في ذلك ، حتى قال : لينتهين ، أو لتخطفن أبصارهم) . ويكره أن ينظر إلى ما يلهيه ، أو ينظر في كتاب ؛ لما روت عائشة ، رضي الله عنها قالت : (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خميصة لها أعلام . فقال : شغلتني أعلام هذه ، اذهبوا بها إلى أبي جهم بن حذيفة ، وأتوني بأنبجانيته) . رواه البخاري ، ومسلم ، وأبو داود . وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة : (أميطي عنا قرامك هذا ؛ فإنه لا يزال تصاويره تعرض لي في صلاتي) . رواه البخاري . ويكره أن يصلي ويده على خاصرته ؛ لما روى أبو هريرة ، (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل متخصرا ) رواه البخاري ، ومسلم . وعن زياد بن صبيح الحنفي ، قال : (صليت إلى جنب ابن عمر ، فوضعت يدي على خاصرتي ، فلما صلى قال : هذا الصلب في الصلاة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنه) رواه أبو داود . ويكره أن يصلي وهو معقوص أو مكتوف ؛ لما روى مسلم ، عن ابن عباس : (أنه رأى عبد الله بن الحارث يصلي ، ورأسه معقوص من ورائه ، فقام فجعل يحله ، فلما انصرف أقبل على ابن عباس ، فقال : ما لك ورأسي ؟ فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف). ويكره أن يكف شعره وثيابه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء ، ولا أكف شعرا ولا ثوبا) . متفق عليه . ويكره التشبيك في الصلاة ؛ لما روى ابن ماجه ، عن كعب بن عجرة ، (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قد شبك أصابعه في الصلاة ، ففرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه) وقال ابن عمر ، في الذي يصلي وهو مشبك يديه : تلك صلاة المغضوب عليهم . ويكره فرقعة الأصابع ، لما روى ابن ماجه ، عن علي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لا تفرقع أصابعك وأنت في الصلاة) . ويكره أن يعتمد على يده في الجلوس في الصلاة ؛ لما روي عن ابن عمر ، قال : (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد على يده) ويكره مسح الحصا ؛ لما روى أحمد ، في المسند ، عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه ، فلا يمسح الحصا) . وعن معيقيب ، قال : (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسح الحصا في الصلاة : إن كنت فاعلا فمرة واحدة) . رواه مسلم ، ورواهما ابن ماجه ، وأبو داود . ويكره العبث كله ، وما يشغل عن الصلاة ويذهب بخشوعها ، وقد روي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يعبث في الصلاة ، فقال : لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه) . ولا نعلم بين أهل العلم في كراهة هذا كله اختلافا ، وممن كرهه الشافعي ، ونقل كراهة بعضه عن ابن عباس ، وعائشة ، ومجاهد ، والنخعي ، وأبي مجلز ومالك ، والأوزاعي ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي . ويكره أن يلصق إحدى قدميه بالأخرى في حال قيامه ؛ لما روى الأثرم ، عن عيينة بن عبد الرحمن ، قال : كنت مع أبي في المسجد ، فرأى رجلا يصلي ، قد صف بين قدميه ، وألزق إحداهما بالأخرى ، فقال أبي : لقد أدركت في هذا المسجد ثمانية عشر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما رأيت أحدا منهم فعل هذا قط . وكان ابن عمر لا يفرج بين قدميه ، ولا يمس إحداهما بالأخرى ، ولكن بين ذلك ، لا يقارب ولا يباعد . ويكره أن يغمض عينيه في الصلاة . نص عليه أحمد ؛ وقال : هو فعل اليهود . وكذلك قال سفيان ، وروي ذلك عن مجاهد ، والثوري ، والأوزاعي . وروي عن الحسن جوازه من غير كراهة . وقد روي عن ابن عباس ، رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يغمض عينيه) . رواه الطبراني في معجمه ، وعبد الرحمن بن أبي حاتم . وقال : هذا حديث منكر . ويكره أن يكثر الرجل مسح جبهته في الصلاة ؛ لما روى ابن المنذر ، عن ابن مسعود ، قال من الجفاء أن يكثر الرجل مسح جبهته ، قبل أن يفرغ من الصلاة ، وروي أيضا مرفوعا . وكرهه الأوزاعي وقال سعيد بن جبير : هو من الجفاء . وروى الأثرم ، عن ابن عباس ، قال : لا تمسح جبهتك . ولا تنفخ ، ولا تحرك الحصا . ورخص فيه مالك ، وأصحاب الرأي . وكره أحمد التروح في الصلاة ، إلا من الغم الشديد . وبذلك قال إسحاق وكرهه عطاء ، وأبو عبد الرحمن ، ومسلم بن يسار ، ومالك . ورخص فيه ابن سيرين ، ومجاهد ، والحسن ، وعائشة بنت سعد . وكره التميل في الصلاة . لما روى النجاد ، بإسناده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إذا قام أحدكم في صلاته فليسكن أطرافه ولا يتميل مثل اليهود). ولا تبطل الصلاة بجميع ذلك ، إلا ما كان منها فعلا ، كالعبث ، وفرقعة الأصابع ، إذا كثر متواليا ، فإنه يبطل الصلاة .

فصل

ولا بأس بعد الآى في الصلاة وتوقف أحمد عن عد التسبيح قال أبو بكر‏:‏ لا بأس به لأنه في معنى عد الآى وهو قول ابن أبي مليكة‏,‏ وطاوس وابن سيرين والشعبي‏,‏ والمغيرة بن حكيم وإسحاق وكرهه أبو حنيفة والشافعي لأنه يشغل عن خشوع الصلاة المأمور به ولنا‏:‏ أنه إجماع رواه الأثرم بإسناده عن يحيى بن وثاب‏,‏ وطاوس والحسن ومحمد بن سيرين‏,‏ وإبراهيم النخعي والمغيرة بن حكيم ومجاهد‏,‏ وسعيد بن جبير ولم يعرف لهم في عصرهم مخالف مع أن الظاهر أن ذلك ينتشر ولا يخفى فيكون‏,‏ إجماعا وإنما توقف أحمد عن عد التسبيح لأن المنقول عمن ذكرناهم عد الآى قال أحمد أما عد الآى فقد سمعنا وأما عد التسبيح فما سمعنا وكان الحسن لا يرى بعد الآى في الصلاة بأسا وكره أن يحسب في الصلاة شيئا سواه‏.‏

ولا بأس بالإشارة في الصلاة باليد والعين لأن معمرا روى عن الزهري عن أنس وعن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ‏(‏أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يشير في الصلاة‏)‏ رواه الديرى عن عبد الرزاق عن معمر‏.‏

ولا بأس بقتل الحية والعقرب وبه قال الحسن والشافعي‏,‏ وإسحاق وأصحاب الرأي وكرهه النخعي ولا معنى لقوله فإن ‏(‏النبي - صلى الله عليه وسلم- أمر بقتل الأسودين في الصلاة الحية والعقرب‏)‏ رواه أبو داود‏,‏ ورأى ابن عمر وهو في الصلاة ريشة حسبها عقربا فضربها بنعله‏.‏

فأما القمل‏,‏ فقال القاضي‏:‏ الأولى التغافل عنه فإن قتلها فلا بأس لأن أنسا كان يقتل القمل والبراغيث في الصلاة وكان الحسن يقتل القمل وقال الأوزاعي‏:‏ تركه أحب إلى وكان عمر يقتل القمل في الصلاة رواه سعيد‏.‏

وإذا تثاءب في الصلاة استحب أن يكظم ما استطاع‏,‏ فإن لم يقدر استحب له أن يضع يده على فيه لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ‏(‏إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطاع فإن الشيطان يدخل‏)‏ من الصحاح وفي رواية قال ‏(‏إذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه فإن الشيطان يدخل‏)‏ رواه سعيد في سننه قال الترمذي‏:‏ هو حديث حسن‏.‏

وإذا بدره البصاق وهو في المسجد بصق في ثوبه ويحك بعضه ببعض وإن كان في غير المسجد يبصق عن يساره‏,‏ أو تحت قدمه ‏.‏

ولنا ما روى مسلم عن أبي هريرة ‏(‏أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رأى نخامة في قبلة المسجد‏,‏ فأقبل على الناس فقال ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه فيتنخع أمامه أيحب أن يستقبل فيتنخع في وجهه‏؟‏ فإذا تنخع أحدكم فليتنخع عن يساره أو تحت قدمه فإن لم يجد فليقل هكذا ووصف القاسم‏:‏ فتفل في ثوبه‏,‏ ثم مسح بعضه على بعض‏)‏ وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ‏(‏البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها‏)‏ رواه مسلم أيضا

ولا بأس بالعمل اليسير في الصلاة للحاجة لما روى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ ‏(‏كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يصلي والباب عليه مغلق فجئت فاستفتحت فمشى‏,‏ ففتح لي ثم رجع إلى مصلاه‏)‏ وعن جابر رضي الله عنه أنه قال ‏(‏إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بعثنى بحاجة فأدركته وهو يشير فسلمت عليه فأشار إلى فلما فرغ دعانى فقال إنك سلمت على آنفا وأنا أصلي‏)‏ ولا تبطل الصلاة بجميع ذلك إلا أن يتوالى ويكثر كالذي قبله والله أعلم‏.‏